مقدمة
بعد تحديد المخاطر وتقييمها، تأتي الخطوة الحاسمة في إدارة المخاطر وهي قياسها. يلعب القياس دورًا حيويًا في فهم حجم المخاطر وتحديد الاستراتيجيات المناسبة للحد منها. في عالم الاستثمار، يتم استخدام مجموعة من المؤشرات الإحصائية لقياس المخاطر، ومن أبرز هذه المؤشرات: الانحراف المعياري، بيتا، والقيمة المعرضة للخطر (VaR).
اختيار المؤشر المناسب:
يعتمد اختيار المؤشر المناسب على عدة عوامل، منها:
أهداف الاستثمار: هل الهدف هو تحقيق أقصى عائد أم الحفاظ على رأس المال؟
أفق الاستثمار: هل الاستثمار قصير الأجل أم طويل الأجل؟
طبيعة الأصول: هل الأصول سائلة أم غير سائلة؟
التنظيمات: قد تفرض بعض التنظيمات استخدام مؤشرات معينة.
1. الانحراف المعياري (Standard Deviation):
تعريفه: هو مقياس إحصائي يوضح مدى تشتت القيم حول القيمة المتوسطة. في عالم الاستثمار، يقيس الانحراف المعياري تقلبات العائد على الاستثمار.
أهميته: كلما زاد الانحراف المعياري، زادت تقلبات العائد، وبالتالي زادت المخاطرة المرتبطة بالاستثمار.
استخدامه: يستخدم على نطاق واسع لقياس مخاطر المحافظ الاستثمارية والأصول الفردية.
الحدود: لا يأخذ الانحراف المعياري في الاعتبار اتجاه التقلبات، أي أنه لا يميز بين التقلبات الصعودية والهابطة.
2. بيتا (Beta):
تعريفه: هو مقياس للمخاطر النظامية للاستثمار، أي المخاطر المرتبطة بأداء السوق بشكل عام.
أهميته: يوضح مدى تأثر عائد الاستثمار بتقلبات السوق.
استخدامه: يستخدم لتقييم المخاطر النسبية للأصول مقارنة بسوق الأسهم بشكل عام.
تفسير القيم:
بيتا = 1: يعني أن الاستثمار يتحرك بنفس معدل السوق.بيتا > 1: يعني أن الاستثمار أكثر تقلبًا من السوق.
بيتا < 1: يعني أن الاستثمار أقل تقلبًا من السوق.
3. القيمة المعرضة للخطر (Value at Risk – VaR):
تعريفه: هو مقياس إحصائي يقدر الخسارة القصوى المتوقعة على محفظة استثمارية خلال فترة زمنية معينة وبدرجة ثقة معينة.
أهميته: يساعد في تحديد الحجم المحتمل للخسائر وتقدير رأس المال المطلوب لتغطية هذه الخسائر.
استخدامه: يستخدم على نطاق واسع في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية.
الحدود: يعتمد على افتراضات حول توزيع العوائد، وقد لا يكون دقيقًا في حالة حدوث أحداث غير متوقعة.
ملاحظات هامة:
لا يوجد مؤشر مثالي: كل مؤشر له مزاياه وعيوبه.
التحليل الكمي والنوعي: يجب دمج التحليل الكمي (الاستخدام المؤشرات) مع التحليل النوعي (تقييم العوامل المؤثرة) للحصول على صورة شاملة.
التغيرات في السوق: يجب مراجعة قياسات المخاطر بشكل دوري نظرًا لتغير الظروف السوقية.
الخلاصة
تعتبر المؤشرات الإحصائية أداة قوية في قياس المخاطر وتقييمها. ومع ذلك، يجب استخدامها بحذر وفهم حدود كل مؤشر. من الأفضل الجمع بين هذه المؤشرات مع تحليل نوعي للمخاطر للحصول على صورة شاملة عن المخاطر التي تواجه الاستثمار.